العراق يشارك في اجتماع وزراء خارجيَّة مجموعة الـ77 والصين في سياق أعمال الدورة الـ73 للجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة في نيويورك

كلمة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقـيَّة في اجتماع وزراء خارجيَّة مجموعة الـ77 والصين في سياق أعمال الدورة الـ73 للجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة في نيويورك

بسم الله الرحمن الرحيم

السيِّد رئيس مجموعة الـ77 والصين المُحترَم..

السيِّدات والسادة الحُضُور..

اسمحوا لي أن أتقدَّم لكم بوافر التحيَّة، وباسم العراق، كما أودُّ أن أتقدَّم بالتهنئة لوفد جمهوريَّة مصر العربيَّة لرئاسة المجموعة، وإدارتها الحكيمة، والناجحة، والشكر لجُهُودكم الطيِّبة التي بذلتموها لإتمام مهامِّ عمل المجموعة لهذا العام على أكمل وجه.

كلُّ التمنـِّي العميق، والتقدير العالي لدولة فلسطين، ولسيادة الرئيس محمود عباس لما سيترأسه للدورة القادمة..

السيِّدات والسادة..

أدركَ المُجتمَع الدوليّ في الآونة الأخيرة، ولاسيَّما على صعيد الأمم المتحدة دور، وأهمِّـيَّة الشباب في تشكيل مُستقبَل العالم؛ ممَّا يدعو إلى ضرورة توفير المناخ اللازم، وإعطاء الفرصة لهم للمُشارَكة في مُختلِف جوانب الحياة الاقتصاديَّة، والسياسيَّة، والاجتماعيَّة، والثقافيَّة، واستثمارهم في أوجه عِدَّة وخاصَّة تلك التي تتعلـَّق بتنفيذ أهداف خطة التنمية المُستدَامة لعام 2030.

إنَّ قضيَّة عمالة الشباب، والقضاء على ظاهرة البطالة بينهم لا تـُعَدُّ قضيَّة عدالة فقط، بل تُعَدُّ قضيَّة دفاع عن كرامة الإنسان، وحمايته من إهدار الإمكانات الإنسانيَّة، والمحافظة على شُعُور الإنسان بإنسانيَّته؛ ولغرض تمكين الشباب من الوُصُول إلى سوق العمل يتطلـَّب اتخاذ إجراءات، وتدابير منهجيَّة وقائيَّة تتصدَّى بصورة مُباشِرة للتحدِّيات التي تواجهها هذه الفئة، ووضع الحُلول، والستراتيجيَّات الوطنيَّة، والعالميَّة على المديات القصيرة، والمُتوسِّطة، والطويلة، والعمل على تحقيق السلام، والحياة الكريمة للشباب؛ للوُصُول إلى مُجتمَعات مُستدامة.

السيِّدات، والسادة..

إنَّ الظروف الصعبة التي مرَّ بها بلدي العراق إثر الأعمال الإرهابيَّة التي ارتكبتها عصابة داعش الإرهابيَّة، وما نتج عن ذلك من عنف استهدف جميع شرائح المُجتمَع وبالأخصّ الشريحة الشبابيَّة أسفرت عنها مجموعة من التحدِّيات مُتمثـِّلة بتفشـِّي ظاهرة البطالة بين الشباب، وارتفاع مُعدَّلات الهجرة إلى الخارج، يُضاف إلى ذلك التطوُّر التكنولوجيّ السريع، وثورة التقنيّات، والإنترنت الذي يحدث الآن في مُختلِف الميادين فإنَّ أصحاب رُؤُوس الأموال يتجهون في الوقت الحاضر إلى التكنولوجيّات الحديثة بدلاً من توظيف الشباب.. وهذه التغييرات التكنولوجيَّة الجديدة تُلقي بأعباء ثقيلة، وجديدة على عمالة الشباب، وتتسبَّب بانتشار البطالة؛ وهذا ما ينتج عنه خلخلة في الأوضاع السياسيَّة، والسلم الاجتماعيِّ قد تُؤدِّي إلى ظواهر وخيمة، كانتشار الجريمة، والوُقوع في براثن الإدمان، وغيرهما من المسائل الاجتماعيَّة الأخرى.

السيِّدات، والسادة..

أدركت حكومة بلادي هذه الظروف؛ لذا قامت بإصدار التشريعات المُناسِبة، وتشجيع المشروعات الصغيرة التي ساهمت بشكل كبير في إزالة العقبات التي تمنع حُصُول الشباب على فرص العمل، إضافة إلى وضع الأطر، والأسس التي تكفل للقطاع الخاصِّ الأهليِّ أن يعمل من دون قُيُود تمنعه من الحركة، والازدهار، وتشجيعه على تقديم فرص التدريب للشباب، وتيسير التمويل، وترسيخ فكرة العمل الحُرّ، وكذا وضعت خطة التنمية الوطنيَّة للسنوات 2018-2022، وهي خطة واسعة لإعادة النُهُوض بواقع الشباب، وتُركـِّز على أولويَّة تعافي قطاع الشباب في الجوانب النفسيَّة، والصِحِّيَّة، والاجتماعيَّة، واستعادة أوضاعهم الطبيعيَّة، وحُرِّيَّاتهم الشخصيَّة، وتعويضهم عن خسائرهم، ومُعاناتهم.. وهدف الخطة هو الالتزام بتنفيذ السياسات، والستراتيجيَّات الوطنيَّة ذات الصلة بالشباب عِبْرَ دعم خطط، وبرامج تنفيذيَّة لتشغيل الشباب، وفتح آفاق المُستقبَل للأعداد المُتزايدة من الشباب يضمن دورهم الإيجابيَّ في التنمية، ويُعزِّز من الحسِّ الوطنيِّ لهم، ومُتابَعة فاعلة للخطط، والبرامج، والسياسات الستراتيجيَّة، وتحديد المُعوِّقات التي تواجه تنفيذها، وتوفير بيئة مُمكِنة للشباب اقتصاديّاً تتمثـِّل بإلزام الجهات ذات العلاقة بتنفيذ الخطط، والبرامج، والسياسات الوطنيَّة الهادفة، وتطوير البرامج التعليميَّة، والتخصُّصات العلميَّة التي تتسق مُخرَجاتها التعليميَّة مع مُتطلـَّبات سوق العمل، وزيادة القروض الممنوحة للشباب؛ بهدف إقامة مشروعات صغيرة مُدِرَّة للدخل، ولاسيَّما شباب الريف، وسكان العشوائيَّات، وتفعيل دور القطاع الخاصِّ، وإنشاء حاضنات أعمال في المحافظات والأقضية؛ لتحتوي مشاريع الشباب، وتهيئة مُستلزَمات بنائها، ونُمُوِّها، وانطلاقها للتخفيف من بطالة الشباب، ومن فقرهم، وتوفير بيئة مُمكِنة للشباب اجتماعيّاً تتمثـَّل بنشر ثقافة التسامح، والحوار، والتلاحم المُجتمَعيِّ عِبْرَ توظيف الأعمال، وتكنولوجيا الاتصال؛ لرفع مُستوى الوعي لأهمِّيَّة التسامح، والحوار، والتلاحُم المُجتمَعيِّ، وبما يُعزِّز ثقافة التسامُح، والقبول بالآخر، والتوسُّع في إنشاء المراكز الرياضيَّة، والترفيهيَّة للشباب، وتمكين الشباب في المناطق المُتضرِّرة من الأعمال الإرهابيَّة، وإدخال الشباب في دورات تدريبيَّة ذات طابع إنتاجيّ تستهدف تعزيز مهارات الشباب في هذا المجال، وبناء قيادات شبابيَّة مُنتِجة مُبادِرة مُنجزة تُعزِّز دورهم الفاعل في الحياة الاجتماعيَّة، واحتواء النسبة المُرتفِعة من الشباب النازح بما يضمن حمايتهم من الانحراف، وأعمال العنف، وإعداد برامج مُتخصِّصة ذات بُعد نفسيّ تستهدف الشباب في نزاع مع القانون، والشباب المُتأثـِّر من الأعمال الإرهابيَّة، وتقديم الدعم، والرعاية المطلوبة للشباب الذين تعرَّضوا للاستغلال، أو العنف، أو سوء المُعامَلة؛ لتعزيز رفاهيتهم، وتسهيل إعادة دمجهم بالمُجتمَع.

السيِّدات، والسادة..

إنَّ الخطوات، والجُهُود التي تبذلها حكومة بلادي المُتمثـِّلة بالاهتمام بقطاع الشباب أخذت أبعاداً، ومديات أوسع؛ حرصاً منها على مُواكَبة المُجتمَع الدوليِّ وهو يسعى لتحقيق أهداف خطط التنمية المُستدامة لعام 2030، والنُهُوض بالواقع الاجتماعيِّ للعراق، ولاسيَّما استثمار الطاقة الشبابيَّة، وضرورة انخراط الشباب في جُهُود تنمية مُجتمَعاتهم، وأممهم على المُستويين السياسيِّ والاقتصاديِّ.. وإنَّنا في العراق نُدرك أهمِّيَّة دور الشباب، واستثمار طاقاتهم، وكفاءاتهم، وأفكارهم بشكل إيجابيّ بنّاء، إذ تعمل الحكومة العراقـيَّة بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، وفريقها الأمميِّ في العراق، وكذا مع منظمات المُجتمَع المدنيِّ على تحقيق المصالحة المُجتمَعيَّة، وتنمية المُجتمَعات المُحلّيَّة، وتستعين في ذلك بأفكار الشباب، وتحقيق رغباتهم في مُساعَدة مُجتمَعاتهم المحلّيَّة، وبناء اقتصاد تنمويّ مُستدام.

ونودّ التنويه هنا بأنَّ جميع تلك الجُهُود، وما حقـَّقناه يجري بشراكة عالية المُستوى مع شركائنا الوطنيِّين، والدوليِّين.

السيِّدات، والسادة..

يبقى هذا الثالوث: المرأة، والشباب، والطفل هم الذين يبنون معالم المُجتمَع الجديد.. وإذا كان الشابّ معنيّاً بصناعة الواقع، والطفل معنيّاً بصناعة المُستقبَل فإنَّ المرأة معنيّة بصناعة الصُنـَّاع: الشباب، والأطفال.

في الختام أؤكـِّد لكم أنَّ بلادي على الرغم من التحدِّيات التي تواجهها المُتمثـِّلة بتصدِّيها نيابة عن العالم في مُحارَبة عصابات داعش الإرهابيَّة، وما تُسبِّبه التطوُّرات التكنولوجيَّة الحديثة، والإنترنت، والعولمة في فقدان نسبة من الشباب لوظائفهم فإنّه يعمل على إيجاد أفضل الآليَّات، والحُلُول في مجال توظيف الشباب، وزيادة قدراتهم الإنتاجيَّة، ويتطلـَّع في هذا المجال إلى التعافي ممَّا لحق به من ضرر؛ بسبب الأزمتين الأمنيَّة، والاقتصاديَّة، وإلى دور كبير من دول المجموعة في تقديم الدعم، والمُساعَدة للعراق؛ لتمكيننا من الإيفاء بالتزاماتنا، وهذا يُحتـِّم على المُجتمَع الدوليِّ أن يقف إلى جانب العراق؛ لمُواكَبة خطة التنمية المُستدامة لعام 2030، ونُعرِب لكم عن استعداد وفد بلادي لتقديم ما من شأنه أن يُحقـِّق مصالح مجموعتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.