أرشيف الأخبار العراق يُشارِك في اجتماع الاستثمار في تعليم ودعم النساء برعاية رئيس وزراء كندا جاستن ترودو

وزارة الخارجية العراقية
Saturday، 29 September 2018

شارَكَ العراق في الطاولة المُستدِيرة التي دعا إليها رئيس وزراء كندا السيِّد جاستن ترودو حول الاستثمار في تعليم، ودعم النساء في سياق اجتماعات الدورة الـ 73 للجمعيَّة العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وأكّد الدكتور إبراهيم الجعفريّ أنَّ: المُؤشـِّر الحقيقيّ لديمقراطيَّة كلِّ بلد هو مقدار ما يأتي من النساء عندما يدخلن إلى البرلمان، ويصلن إلى الحكومة، مُبيِّناً: لماذا تكون المرأة نصف المُجتمَع، ولا تكون نصف المُؤسَّسة؟!، مُوضِحاً: لا يُمكِن للمرأة أن تبدأ برحلة الجمال المعنويِّ ما لم تتحرَّر من داخلها من عُقدة الاستسلام.. هذه هي الحقيقة، مُشِيراً إلى أنَّ هذا المفهوم الحضاريَّ الإنسانيَّ يجعل المرأة أمام عالم جديد عالم تصنع ما تعتقد به بغضِّ النظر عن عمرها، وعن كلِّ الاعتبارات.

وإلى حضراتكم مُداخَلة الدكتور إبراهيم الجعفريّ وزير الخارجيَّة العراقيَّة في الطاولة المُستدِيرة التي دعا إليها رئيس وزراء كندا السيِّد جاستن ترودو حول الاستثمار في تعليم النساء

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته..

فخامة رئيس الوزراء الكنديّ المُحترَم..

السادة الحُضُور جميعاً..

أحيِّيكم، وأبارك لكم هذا اللقاء الذي يكتسب حالة استثنائيَّة؛ لأهمِّـيَّة مُعالجة موضوع المرأة.

أنطلق من مقولة لي قلتُها أكثر من مرَّة: "إنَّ المُجتمَع يقوم على ثلاثة عناصر أساسيَّة: عنصر الشباب -وهم صُنـَّاع الحاضر. لعلَّ أبرز مثل السيِّد رئيس الوزراء الكنديّ الذي يقود الآن دولة بحجم كندا بديمقراطيّة مُتميِّزة-، والأطفال -هم صُنـَّاع المُستقبَل-، أمَّا المرأة فهي صانعة الصُنـَّاع، وهي التي تصنع الشابَّ، وتصنع الطفل.

هذه هي الحقيقة التي تجاهلتها كلُّ أمم العالم.. ما اتفقت أمم العالم على مُحارَبة شيء كما اتفقت على مُحارَبة المرأة.. كلُّ مُجتمَعات العالم من دون استثناء عاداتها، وتقاليدها، وثقافتها حاربت المرأة.. اقرأوا عن الرومان سابقاً، وكيف كانت المرأة الشابّة يُشَدُّ شعرها بذيل الحصان، ويُسرِع الحصان بالعدو، والركض حتى تموت، وبقـيَّة بلدان العالم يدفنون المرأة حيَّة مع زوجها عندما يُتوفـَّى.

لا ينبغي أن نختلف على أنَّ هناك ثقافة مُتوارَثة من عمق التاريخ اتفقت على اضطهاد المرأة، والإساءة إليها..

كيف نتحرَّر من هذه العُقـَد؟

المُؤشـِّر الحقيقيّ لديمقراطيَّة كلِّ بلد هو مقدار ما يأتي من النساء، عندما يدخلن إلى البرلمان، ويصلن إلى الحكومة.

لماذا تكون المرأة نصف المُجتمَع، ولا تكون نصف المُؤسَّسة؟!

لماذا عندما يموت زوجها تتحوَّل إلى أرملة، ولا تأخذ حجمها في المُؤسَّسات، والوزارات؟!

كم عدد الوزيرات في العالم؟

عندما شكـَّلتُ الحكومة الثانية في عام 2005 جئتُ بـ(6) وزيرات، وأشهد أنَّهُنَّ كُنَّ يعملن بكلِّ كفاءة، ونزاهة.

تعلمون جيِّداً أنَّ هذا الأمر رُبَّما يكون طبيعيّاً في بلدانكم، أمَّا في بعض مُجتمَعاتنا في الشرق الأوسط خُصُوصاً الدول العربيَّة فنادراً ما يأتون بهذا العدد من الوزيرات.

حَسَنٌ العنوان (عنوان الطاولة المُستدِيرة) إذ قَرَنَ الطفولة بالمرأة.. الطفل مُضطهَد في بلداننا.. لا أصدِّق أنَّ الطفل عندما يبتسم يُسيِّس الابتسامة، وإذا بكى يعني أنَّ هناك شيئاً أبكاه بصدق.

نحن نعيش في عالم الكثير فيه يبتسم، وهو -في الحقيقة- لا يبتسم، لكنَّه يُقلـِّص عضلات الضحك، وإذا أراد أن يستدرَّ عطفك يُقلـِّص عضلات الحزن.

لا يُوجَد أصدق من الطفل عندما يبكي، وعندما يفرح، وعندما يضحك.

الجمال الذي اضطـُهِدَت به المرأة فُصِّل بطريقة طوَّق المرأة، وطوَّق حياتها..

لماذا يستمرُّ الجمال عند الرجل إلى أن يبلغ 60، و70، و80، و90 سنة، ويكون أعمى، ومع ذلك يُوصَف بأنـَّه جميل. الجميلُ جميلٌ بمنطقه، جميلٌ بتفكيره، جميلٌ بفاعليته.

الناس كلـُّها تتوق لنيلسون مانديلا، وتنشدُّ له، وهو يمتلك جمالاً معنويّاً، ولكن لماذا المرأة إذا عبرت الـ30، و40 سنة فقدت جمالها؟!

لأنَّهم اختزلوا مفهوم الجمال بجمال الجسم فقط.. هذه ثقافة العالم الجديدة.

لماذا لا تتمتـَّع المرأة بجمالات مُتعدِّدة: جمال العقل، وجمال الإرادة، وجمال الفعل، وجمال الإنتاج؟!

هذه الجمالات مثلما موجودة في الرجل موجودة في المرأة، لكنَّ عالمنا ذكوريّ بطرياركيّ لا يتجاوز الرجل، ويتجاوز على المرأة.. هيلن كيلر إحدى النساء كانت مُصابة بالطرش، والعمى منذ كان عمرها أربع سنوات كانت في زمانها أخطب امرأة، كانت في 1880 إلى 1966 من بلد إلى آخر تخطب.

لا يُمكِن للمرأة أن تبدأ برحلة الجمال المعنويِّ ما لم تتحرَّر من داخلها من عُقدة الاستسلام.. هذه هي الحقيقة.. نبيُّنا مُحمَّد -ص- تزوَّج امرأة تكبره بـ14 عاماً، وهي التي خطبته، وكانت مُتزوِّجة قبله.

هذا المفهوم الحضاريُّ الإنسانيُّ يجعل المرأة أمام عالم جديد عالم تصنع ما تعتقد به بغضِّ النظر عن عمرها، وعن كلِّ الاعتبارات.

أقول لكم: إنَّ الطفولة، والمرأة مُهدَّدة في مُجتمَعاتنا الحاليَّة.

وبمُناسَبة مُرُور هذه الفترة على نيلسون مانديلا قرأتُ أوَّل كتابه "رحلتي الطويلة نحو الحُرِّيَّة" يتحدَّث عن أيَّامه الأولى عندما كان إلى جانب أبيه إذ رأى كيف يموت أبوه، وكان عليه أن يُجذّف بقارب بلا شراع.. فماذا صار نيلسون مانديلا رغم أنـَّه تيتـَّم منذ الطفولة؟!

عندما يكون المُجتمَع بنَّاءً يُعوِّض اليتيم، ويُعوِّض المرأة ضَعفها بمزيد من العناية.


لقراءة النص الكامل وزارة الخارجية العراقية، اضغط هنا.