كلمة السيد السفير لقمان عبد الرحيم الفيلي في حفل إحياء ذكرى الإبادة الجماعية في حلبجة

سعادة لقمان الفيلي
سفير العراق لدى الولايات المتحدة
حفل إحياء ذكرى الإبادة الجماعية في حلبجة
مركز الزوّار في مبنى الكونغرس الأمريكي
العاصمة واشنطن
17 آذار (مارس) 2015

شكرا للسيدة بيان على حفاوة التقديم
تمر علينا اليوم ذكرى واحدٍ من أكبر الهجمات بالأسلحة الكيميائية التي يتم شنها على مدنيين في التاريخ.
واليوم، نجدد العهد الذي قطعناه على أنفسنا بعدم السماح لمثل هذه الجرائم الوحشية لان تحدث مرة اخرى.
فقبل سبعة وعشرون عاماً من اليوم، اثناء فترة الحكم الدكتاتوري لصدام، قصفت طائرات النظام الحربية مدينة حلبجة في كوردستان العراق بالقنابل الكيميائية.

حيث استمرت عمليات القصف طوال خمس ساعات متواصلة. فقتل حوالي 5,000 من المدنيين الأبرياء وجرح ما بين 7,000 الى 10,000 اخرين. وتعرض أكثر من نصف سكان حلبجة الى الغازات الكيميائية السامّة.

لم تكن هذه المذبحة الّا واحدةً من جرائم الإبادة الجماعية العديدة التي اقترفها النظام ضد الاكراد والأقليات العرقية الأخرى، مثل حملة الانفال التي شنّها النظام عام 1988 وجرائم المقابر الجماعية في جنوب وشمال البلاد بعد انتفاضة عام 1991 والتسفير والتطهير العرقي لأبناء عمومتي من الاكراد الفيليين خلال السبعينات والثمانينات.

ينبغي على العالم كله ان لا يطلق تسمية لهذه الجرائم التي اقترفت بحق الإنسانية الّا التسمية الوحيدة التي تناسبها: جرائم الإبادة الجماعية.

كلنا املٌ في ان يأتي اليوم الذي لا وجود فيه لجرائم الإبادة الجماعية الّا في كتب التاريخ.

ولكننا ومع شديد الأسف، لا نزال نقرأ عن مثل هذه الجرائم في عناوين الصحف التي تتناول الشأن العراقي.
اليوم، لا زال البرابرة الذين يطلقون على أنفسهم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" او ما يعرف بتنظيم داعش يحتلون ثلث بلدنا الحبيب، وهو ما يشكل تهديداً لما يقدّر ب3.6 مليون عراقي يعيشون في ظل الإرهاب والطغيان.

اذ ان تنظيم داعش الإرهابي يسعى الى إبادة كل من لا يبايع تطرفهم، بغض النظر عن الانتماء الديني او الطائفي او العرقي.
فالجميع، شيعة وسنّة ومسيح واكراد وباقي أبناء الاقليّات، هدفٌ لهؤلاء الإرهابيين الذين يقطعون رؤوس اسراهم او يحرقونهم احياء ويستعبدون النساء والأطفال. لقد دمر هؤلاء المجرمين بيوت عبادة جميع الأديان والمذاهب ودمروا الشواهد الحضارية والثقافية والاثار التي تعود الى البشرية والإنسانية جمعاء.
لقد شهدنا الصيف الماضي قدرة تنظيم داعش على اقتراف جرائم الإبادة الجماعية في المجزرة التي راح ضحيتها الاف الايزيديين وغيرهم من أبناء الأقليات الأخرى، وتسببوا في مجاعة واستعباد الالاف من الابرياء.

وستعقد لجنة توم لانتوس في مبنى "رايبورن" يوم غد جلسة استماع حول انتهاكات حقوق الانسان التي يقترفها تنظيم داعش. واشكر هنا نائب الكونغرس جيمس ماكغوفرن عن ولاية ماساتشوستس والنائب جو بيتس عن ولاية بنسلفانيا اللذان سيتقاسمان رئاسة اللجنة ثنائية الحزب هذه.
كما اود ان اشكر الشعب الأمريكي على كل ما قدمتموه لنا وكل ما تفعلون وما ستفعلون لمساعدة الشعب العراقي لتحرير أنفسهم من الطغيان والإرهاب وسعيهم لتحقيق الديمقراطية والرفاهية.
العراقيون شاكرون للقوات الامريكية التي تؤدي خدمتها في بلادنا والتي قدم بعض افرادها أسمى التضحيات للإطاحة بنظام صدّام.
كما نقدر جهود الادارة الامريكية لتشكيل التحالف للمساعدة في دحر تنظيم داعش.

ولكن، وفي نهاية المطاف، وعلى الأرض، يجب على العراقيين الانتصار بأنفسهم في المعركة.

اليوم، تقاتل قوات الامن العراقية وقوات البيشمركة الكوردية وقوات الحشد الشعبي ومقاتلو العشائر من جميع المحافظات جنبا الى جنب ويدأً بيد حين هبّوا للدفاع عن بلدهم في اشد الأوقات خطورةً.
وسنستعيد معاً بلادنا قريةً قرية وبلدةً بلدة وكل شبرٍ من أراضينا ونحرر كل شريحة من شعبنا من هؤلاء الإرهابيين العابرين للحدود.
يداً بيد، سنعيد بناء العراق الذي لن يكون بعد اليوم عرضةً للتطرف والإرهاب والعنف الطائفي ومرتعاً للإرهاب العابر للحدود. ختاماً، سنطوي والى الابد صفحة الأفعال المروعة مثل مجزرة الإبادة الجماعية في حلبجة.